إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
الجهل وآثاره
16386 مشاهدة
الوسائل التي تزيل الجهل وتمحو الأمية عن المسلمين

، وحيث عرفنا هذا الجهل وأنه بهذه المثابة وأن له آثارا سيئة، فإننا نحث إخوتنا على أن لا يبقوا على هذا الجهل، ويؤسفنا أن في هذه البلاد في الرياض المدارس الليلية الكثيرة ولا يدخلها إلا القلة أو الأصاغر أو نحو ذلك، يؤسفنا أن هناك حلقات علم كثيرة يقيمها العلماء في بيوتهم أو في مساجدهم ولا يحضرها إلا القليل، والكثير لا يحضرونها، ويؤسفنا أن الكثير من المحاضرات أو الندوات ونحوها لا يحضرها إلا قلة بالنسبة إلى الأكثر من الذين ينفرون أو يذهبون أو نحو ذلك ، يؤسفنا أن في صلاة الجمع -مثلا- يمتلئ المسجد وتمتلئ أطرافه وإذا قام بعد الصلاة إنسان ليعظ أو ينصح أو يذكر هربوا ولم يبق عنده إلا قلة قليلة وكأنهم في سجن وفي ضيق أو كأنهم مستغنون عن الفائدة ونحو ذلك، وهذا -أيضا- إعراض عن العلم وإعراض عن أسبابه، يؤسفنا أن كثيرا يبقون على جهلهم وهم يعرفون أن هناك علماء وهناك مفتون ومعلمون ونحو ذلك .
فأنا -مثلا- أجلس في المكتب لأتقبل الذين يأتون يسألون، ولكن الذين يسألون بواسطة الهاتف أو مشافهة غالب أسئلتهم لا تتعلق بالدين، إنما تتعلق بالمعاملات أو بالطلاق ونحو ذلك ، إذا وقع أحدهم في طلاق أو في ظهار أو في تحريم أو ما أشبه ذلك بحث وسأل، فطوال عمره - عشرين سنة أو أكثر- ما اهتم ولا سأل فلما وقع عليه الأمر أراد أن يسأل ، لماذا بقيت على جهلك هذه السنوات حتى وقعت في هذا التحريم أو في هذا الظهار أو في هذا الطلاق أو في هذا الحلف الذي لم تف به، فلو كنت عالما أو متعلما أو مهتما بالعلم لما وقعت في هذا الجهل ، وهؤلاء الذين يأتون ويسألون عن وقائع وقعت بهم يقول أحدهم: أنا حلفت بكذا، أنا وقع مني كذا، أنا نذرت أو ما أشبه ذلك، إنما يسألون عن شيء ابتلوا به فقط ويحاولون التخلص منه.
لماذا لم يسألوا من قبل ؟ لماذا لم يتعلموا؟ لقلة الاهتمام ، هل عندهم أشغال تقطعهم وتعوقهم ؟ ليس الأمر كذلك بل الكثير منهم عندهم فراغ كثير بحيث يقول بعضهم: نحن عندنا، وقت طويل عندنا فراغ ونمل من هذا الفراغ، وإذا مللنا لا بد أن نشغل وقتنا هذا بشيء حتى نقطع الوقت عنا، فنشتغل باللعب بالورق حتى إذا جاء وقت الصلاة قمنا ، فسبحان الله أما عندكم شغل غير هذا اللعب ! لماذا لا تقرؤون القرآن ؟ لماذا لا تتدارسونه بينكم؟ لماذا لا تحفظون كتاب الله هل منكم من حفظ القرآن عن ظهر قلب ؟ يقولون لا نعرف ، لماذا لا تتعلمون حتى تعرفوا، أليس عندكم أمور تهمكم ؟ لماذا لا تتزاورون في ذات الله وتتبادلون النصيحة ؟ لماذا لا تزورون العلماء وتبحثون معهم وتسألون؟ لماذا لا تقتنون كتب الدين وكتب العلم وتقرؤونها ، وتقضون بها أوقاتكم، هذا الوقت الذي هو طويل عندكم -كما تقولون- سوف تجدون ما تقضونه به، فلا عذر لكم بأن تبقوا على هذا الجهل إذن فنحن نقول: لا عذر لأحد في البقاء على الجهل ، سيما في هذه الأزمنة فقد توفرت -والحمد لله- الأسباب التي يزول بها الجهل .